يا الهي

اللهم أنت الباقي بلا زوال ... الغـــني بلا مثال ... القــــــدوس الطـــــــــاهر العـــــلي القـــــــــاهر الذي لا يحيط به مكــــــان و لا يشتمل عليه زمان ... أســــــألك باسمــــائك الحســــني ما علمت منها و مالم أعلم ... أن تغفر لي و ترحمني وان تعفو عنى فانك عفو كريم غفور رحيم

الأربعاء، 10 ديسمبر 2008

الشعور بالمسؤلية

بقلم الداعية الاستاذ / فتحى يكن
* مفهوم الشعور :
الشعور هو حالة نفسية تتكون من اعتبارات متعددة منها الخلقية الوراثية ومنها الاكتسابية ، كالاعتبارات الثقافية والتربوية والبيئية وغيرها .
والشعور.. صفة تلازم الانسان في كل جانب من جوانب حياته ، من ذلك : الشعور بالخوف والثقة والقلق والاطمئنان الخ ..
والشعور.. حالة نسبية تقوى وتضعف ، تتقدم وتتاخر ، تبعا ً للمؤثرات والطواريء والمتغيرات الاكتسابية.وتتفاوت مشاعر الناس تفاوتا كبير حيال ما يعرض لهم ويطرأ عليهم .. فهذا متبلد الشعور وآخر متقد وملتهب .. هذا يعيش هموم الآخرين يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم ، وذاك لايعيش الا هم نفسه ، يصدق فيه المثل القائل [ أنا ومن بعدي الطوفان ] ولفرط ما كانت عليه مشاعرعمر بن الخطاب رضي الله عنه من اتقاد وحيوية ،
قال :{ والله لو عثرت ناقة في أقصى العراق لكان ابن الخطاب مسؤولا عنها }
* مفهوم المسؤولية:
أما المسؤولية فهي الشعور بالتكليف وبالنسبة للمسلم هو شعوربالأمانة الكبرى الملقاة على عاتقه المقصودة بقوله تعالى : { إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها ، وأشفقن منها ، وحملها الانسان ، إنه كان ظلوما جهولا } الاحزاب 72 .
* والمسؤولية في الاسلام عامة وتطال الجميع ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم :{ كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالامام راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راع في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته ، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته }رواه البخاري ومسلم وغيرهما
* والمسؤولية فردية لأن التكليف فردي والحساب فردي مصداقا لقوله تعالى : { إن كلُ من في السموات والآرض إلا أت الرحمن عبدا ، لقد أحصاهم وعدهم عدا ً ، وكلهم أتيه يوم القيامة فردا }
* والمسؤولية نسبية وليست واحدة : فمسؤولية العالم غير مسؤولية الجاهل ، ومسؤولية المعافىالسليم غيرمسؤولية المريض السقيم ، ومسؤولية صاحب السلطان ليست كمن لا سلطان له مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم :{ صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس العلما والامراء} وهي في الظروف الاستثنائية غيرها في الظروف العادية ..
* جوانب المسؤولية في الاسلام :
وللمسؤولية في الاسلام جوانب متعددة أشار اليها الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم بقوله :{ إن لنفسك عليك حقا ، وإن لربك عليك حقا ، وإن لزوجك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه } من ذلك :
* مسؤولية الانسان تجاه ربه وما عليه من واجبات تكليفية: [ عبادة + وأخلاقا + وتشريعا + وجهادا + وإخلاصا + وصدقا + وطاعة + وشكرا + الخ]
* ومسؤوليته تجاه نفسه بتزكيتها وتهذيبها مصداقا لقوله تعالى : [ ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ] وقوله : [ إن الله لايـغـير ما بـقـوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ] وعن أولوية اصلاح النفس قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:[من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه ، ومعلم نفسه ومهذبها أحق من من معلم الناس ومهذبهم ] والى ذلك جاءت لفتة الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:[ يا ابن آدم عظ نفسك ، فإن اتعظت فعظ الناس ، وإلا فاستحي مني ]
* ومسؤوليته تجاه أهله : إذ الأقربون أولى بالاصلاح والمعروف من عامة الناس ، وما قيمة أن نصلح البعدين والناس أجمعين إذا خسرنا انفسنا وأهلينا والقربين ، وصدق الله تعالى حيث يقول :{ يا أيها الذين آمنوا قوا انفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }
* مسؤوليته تجاه مجتمعه وأمته : من خلال دعوتهم وتوعيتهم واهتمامه بشؤونهم .. كما من خلال بذل النصح لهم والمشي في حوائجهم، والى ذلك كان التهديد النبوي صارخا ومخيفا في قوله صلى الله عليه وسلم : { من بات ولم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم }
* مسؤوليته تجاه حركته وجماعته : [ فهم لمشروعها ]+[ وحملا لرسالتها ]+[ وطاعة مبصرة لقيادتها والنصح لها ] وعلى قاعدة ما أشار اليه الامام الشهيد حسن البنا في قوله :[ الايمان العميق + التنظيم الدقيق + العمل المتواصل ]
" وهذا البند لا يعنى فقط جماعة الاخوان المشار اليها وانما المقصود به اى جماعه بمعنى انه يمكننا تطبيق ذلك على فرق العمل التى نعمل فيها .... احمد عزايم "
* حوافز المسؤولية في الاسلام :وللشعور بالمسؤولية حوافز كثيرة من شأنها أن تسهم في تقويته وتنميته ، من ذلك :
* حافز الشكر على النعم ويتمثل في قوله تعالى :{ لئن شكرتم لأزيدنكم }
* حافز الاصلاح : { إن اريد الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله }
* حافز الأمر بالمعروف والنهي عن النكر مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم :{ لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوخياركم فلا يستجاب لهم } وقوله { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يجد فبلسانه ، فإن لم يجد فبقلبه وذلك أضعف الايمان ، وليس وراء ذلك حبة خردل من ايمان}
* حافز الدعوة الى الله استجابة لأمره :{ أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } واتصافا بما وصف الله تعالى به الدعاة حيث قال :[ ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين }
* حافز التعلم والتفقه لقوله صلى الله عليه وسلم : { من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ويلهمه رشده} وقوله: { اطلبوا لعلم من المهد الى اللحد} وقوله :{طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة } وقوله :{ اطلبوا العلم ولو في الصين }
* حافز الجهاد في سبيل :{ بالمال واللسان والقلم والنفس }
* المسؤولية تجاه السنن الالهية :بأن يأخذ المسلم مكانه وموقعه ، وينهض بدوره ومسؤوليته عبرالسنن الالهية ومنها :
* مسؤوليبته حيال سنة التغيير، من خلال الانخراط في منهج ومشروع التغيير الاسلامي ، استجابة لقوله تعالى :{ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم }
* مسؤوليتة تجاه سنة التدافع من خلال مشاركته ومقارعة الباطل، والتزامه جبهة الحق ، وحمايته ثغور الاسلام مصداقا لقوله تعالى :{ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض }
* مسؤوليته تجاه سنة التمكين وإعداد نفسه لذلك ، وليكون ممن عناهم الله تعالى بقوله :{ وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا لصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم ، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ، يعبدونني لا يشركون بي شيئا ..}